قصة موسى والخضر عليهما السلام احتوت على غرائب وعجائب تجلت فيها قدرة الله عز وجل, ان قصة موسى والخضر هي احد قصص سورة الكهف وفي سنة الرسول (محمد صلي الله علية وسلم) لنأخذ منها العبرة والعظة, في تقديم مشيئة الله عز وجل بقول (ان شاء الله), والحرص على أن لا ينسب المكروه إلى الله جل جلاله.
فجاءت لتحكي لنا تعليم الله عز وجل لسيدنا موسى حينما وقف يخطب في بني إسرائيل فسأله أحدهم أي الناس أعلم؟ فأجاب موسى (عليه السلام) أنا, فنسب العلم إلى نفسة ولم يرجعه إلى الله (سبحانه وتعالى) فأمره الله أن يذهب إلى الخضر عليه السلام لكي يتعلم أن فوق كل ذي علم عليم, واستمرت الأحداث بين الخضر وسيدنا موسى وهو لا يعلم سبب أفعال الخضر في المواقف المختلفة ويخبره بان عليه ان يفعل كذا وكذا, فيما طوال قصة موسى والخضر ما كان من الخضر عليه السلام إلا أنه كان يأمره بالصبر ويذكره بما اشترط عليه لمرافقته في رحلته إلى ان افترقا وحكى له ما لم يعلمه.
من هو موسى عليه السلام
إن موسى عليه السلام قد ولد في مصر في زمن كان فيه فرعون يقتل الأولاد خوفا على ملكه وعرشه فخافت أمه أن يقتله, فأوحى الله له ابان تضعه في تابوت وتلقيه في النيل, فالتقطته زوجة فرعون وأخذته إلى قصرها وقاموا بتسميته باسم بموسى, وموسى هو من أنبياء الله الذين ذكروا في القرآن الكريم والذين كان منهم (سيدنا آدم عليه السلام - وسيدنا نوح - وسيدنا إدريس - وسيدنا عيسى - وسيدنا محمد) وقد بلغ عددهم 26 فمنهم من كان نبياً رسول لقومه ومنهم من كان نبياً فقط, وتعد قصة موسى والخضر واحدة من ضمن القصص التي ذكرت في سورة الكهف.
معني اسم موسي
ان موسي بمعنى: المسحوب من الماء, وقد تسمى بذلك سيدنا موسى بعد أن انتشله فرعون وزوجته وأخذوه إلى قصرهم بعد ان اوحي الله الي امة لكي تلقيه في التابوت وتلقيه في اليم (وهو نيل مصر), وقد أعاد الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى إلى أمه مرة اخرى بعد ان حرمت عليه المرضعات فلم يرضع الا من امه.
من هو الخضر عليه السلام العبد الصالح
إن الخضر عليه السلام قد ذكر في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وقد اختلف فيه هل هو نبي ام ولي صالح وقد ادعت الكثير من الروايات في حياته إلى يوم القيامة, إلا أن ابن كثير والبخاري قالوا انه قد مات فلا يأخذ بالروايات التي ادعت بحياته إلى يوم القيامة لأنها ضعيفة وبلا أي سند واختلف في نسبة.
معنى اسم الخضر
قد روي عن سيدنا أبي هريرة (رضي الله عنه) في اسم الخضر الذي ذكرت قصة موسى والخضر أنه قال (إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء, فإذا هي تهتز من خلفة خضراء).
وكان يطلق عليه اسم أبي العباس.
هل كان الخضر نبي؟
اختلف في ذكر نبوة سيدنا الخضر عليه السلام فقد ذكر ابن حجر أن قول سيدنا الخضر لموسى عليه السلام في القران (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) أي هو بوحي من الله عز وجل وبغير إرادة منه, فيما قد قال ابن عباس ووهب أنه نبي غير مرسل من الله.
سبب التقاء موسى مع الخضر
ان الله سبحانه وتعالى له المثل الأعلى في تعليم أنبيائه عليهم السلام, فقد عاتبه الله لأنه لم يرجع الية الفضل في كونه أعلم الناس بالأرض, فأخبره الله عزوجل أن هناك عبدا من عباده بمجمع البحرين آتاه من العلم ما لم ياته.
فكان سبب التقائه مع الخضر عليه السلام في مجمع البحرين هو تعليم من الله عزوجل له ان فوق كل ذي علم عليم.
كيف بدأت قصة موسى والخضر
سأل موسى (عليه السلام) ربه كيف يصل الى من لديه علم في الدنيا أكثر منه, وفي رواية (قال: يارب وكيف به؟) فقال له الله : احمل حوتا في مكتل (وهو وعاء من الورق يوضع فيه التمر) فإذا فقدت الحوت فهو هناك أي ستجد العبد الصالح في مكان فقدان الحوت, وقد ذكرت في رواية الإمام البخاري فقال: خذ نونا (اي حوت ميت) حيث ينفخ فيه الروح, فأخذ حوت فجعله في مكتل, فقال لفتاه: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت, قال: ما كلفت كثيراً).
من هو فتى موسى في القصة؟
إن فتى موسى في قصة موسى والخضر هو يوشع بن نون وقد جاء ذكرة في اليهودية وفي المسيحية اسمه كاملاً: يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل, وهو ابن عم نبي الله هود, وقد توفي في البيت المقدس حيث حكم في بني إسرائيل بكتاب الله واستمرت مدة بقائه فيهم ما يقارب سبع وعشرين عام.
وكلف موسى يوشع بن نون بأن يهتم بالحوت وان يخبره بمكان فقدانه له.
بدأت قصة موسى والخضر
بدأت رحلة سيدنا موسى وبصحبته يوشع بن نون الى ان وصلا الى صخرة غلبهم النعاس عندها, فعادت الروح الي الحوت (بقدرة من الله عز وجل) وهرب من المكتل حيث كان يوضع فيه إلى البحر بعد أن شرب من ماء موجود في صخرة (عين الحياة) إلا أن الله سبحانه وتعالى منع أن يجري الحوت في الماء فبقي في مكان هروبه حتى يتمكن سيدنا موسي من العثور عليه مره اخر, وقد ذكرت في قول الرسول (عليه الصلاة وافضل السلام): (في أصل الصخرة عين يقال لها: عين الحياة لا تصيب من مائها شيء إلا حيي, فأصاب الحوت من ماء تلك العين).
وبعد ان استيقظ سيدنا موسى وفتاه تابعوا مسيرتهم في العثور على الخضر عليه السلام دون أن يتفقد المكتل حيث وضع الحوت, واستمر في الحركة الى ان احس بالتعب فأمر يوشع بان يأتي بالطعام إلا أنه تذكر أنه لم يخبره بأمر هروب الحوت, وإن الشيطان قد أنساه أن يخبره بهروبه, فاخبره ان هذا ما كانا يبغيان في الرحلة فعاد هو وفتاه إلى مكان فقدان الحوت, الذي أوقف الله جريان الماء كما أخبرنا مسبقاً حتي يتمكن من العثور عليه فوجد العبد الصالح الذي أخبر الله عنه وهو سيدنا الخضر.
مكان التقاء الخضر بسيدنا موسي؟
التقى سيدنا موسي والخضر (عليه السلام) كما نص القرآن في مجمع البحرين وهو كما أخبر الله (عزوجل) عند مجمع البحرين.
اين يقع مجمع البحرين في قصة موسى والخضر؟
اختلف في مكان وقوع مجمع البحرين, فقيل:
- ان مجمع البحرين هو مكان التقاء بحر الروم مع البحر الأبيض وبحر البحر الأحمر وقيل إن مجمع البحرين يوجد في البحر الأحمر في مكان التقاء خليج العقبة وخليج السويس.
- أنه في بلاد المغرب عند طنجة في مكان التقاء بحر فارس بالشرق وبحر الروم.
- انه في افريقية.
كيف اقنع موسى الخضر في أن يصاحبه في رحلته
أقبل موسى على الخضر وعرفه بنفسه ثم أخبره أنه جاء ليتعلم منه مما اختصه الله به من علمه, الا ان الخضر عليه السلام أخبره أن الله سبحانه وتعالى قد آتاه من العلم ما لم يأته فلن يستطيع أن يصبر على ما لم يكن لديه علم به, إلا أن موسى كان لديه إصرار في أن يصاحبه برحلته واخبره انه لن يخالفه فيما لم يعلم, ووافق الخضر عليه السلام على صحبه سيدنا موسى إلا أنه اشترط عليه ألا يسأله في أي شيء إلا أن يبينه له ومن هنا بدأت قصة موسى والخضر.
مواقف قصة موسى والخضر
مرت الرحلة بثلاثة مواقف مختلفة, وهي:
- السفينة: فبينما يمر سيدنا موسى مع الخضر على ساحل البحر مرت بهم سفينة وقد عرف من فيها الخضر عليه السلام, فركبوا فيها دون أن يأخذوا منهم الأجرة, إلا ان الخضر قد اقتلع أحد ألواح السفينة فأنكر سيدنا موسى عليه مافعله فهو لا يناسب ما قدمه أصحاب السفينة في أنهم اخذوهم دون أخذ أجر الرحلة منهم, فذكره سيدنا الخضر بشرط صحبته في الرحلة, فاعتذر له سيدنا موسى وبين له أنه كان نسياناً منه, وشبه سيدنا الخضر العصفور الذي وقف على حافة السفينة ليشرب من ماء البحر أن ما كان لديه من علم وما كان لدي سيدنا موسي من علم يشبه مقدار ما شرب هذا العصفور من البحر, وقد جاء ذكر هذا الموقف في السنة النبوية حينما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): (وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة, فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر).
- الغلام: فبعد أن استقرت السفينة في ما شاء الله ان تستقر بهم نزل الخضر وسيدنا موسى واستمرت قصة موسى والخضر واذا بالخضر يقتلع رأس غلام كان يلعب مع رفاقه, الا ان سيدنا موسي سارع في أن أنكر عليه ما فعله وأنه لا يملك أي حق في إزهاق روحه, وهناك ذكره الخضر بما اشترط عليه لكي يصطحبه في رحلته بأن لا يطرح عليه أسئلة, وانه لن يتحمل ان يصبر في رحلته وان لا يطرح اسئلة عليه, فاعتذر سيدنا موسي واخبره انه لن يسأله عن أي شيء مره اخري وان سأله فلن يصاحبه ويتركه.
- جدار القرية: تابع الخضر المسير وبصحبته سيدنا موسى (عليه السلام) إلى أن وصلا إلى قرية رفض أهلها أن يضيفوهم ويعطوهم الطعام, الا ان سيدنا الخضر وجد جدار مائل كاد أن يقع فقام بعدل ميلته وإقامته مرة أخرى, فأخبره سيدنا موسى أنه لو كان قد أخذ المال علي أقامته للجدار لكان افضل لكي يحصلوا على الطعام من اهل القرية الذين رفضوا أن يطعموهم, وهنا كانت لحظة فراق سيدنا موسى مع الخضر عليه السلام ونهاية قصة موسى والخضر, فأخبره سيدنا الخضر انه يطلعه على سبب أفعاله التي لم يستطع أن يصبر عليها سيدنا موسي طوال رحلته معه.
أسباب خرق الخضر عليه السلام للسفينة وقتله للطفل وإقامته جدار الغلامين
فبعدما اعترض سيدنا موسى (عليه السلام) على الخضر في بنائه للجدار فارقة الخضر ولم يستكمل رحلته معه الا انه اطلعه بحكمة مافعله في الاحداث التي اعترضتهم طوال الرحلة.
سبب اقتلاع الخضر للوح السفينة
فتحدث سيدنا الخضر عن السفينة فأوضح أنه ألحق بها الضرر لوجود حاكم ظالم أراد أن يخلص اصاحبها منه, فكان يأخذ السفن الصالحه للابحار من اصحابها عنوة وغصب, وإن تواجد عيب من العيوب بها سوف يجعله يغض بصرة عنها, وان اصلاح السفينة بعد ذلك سوف يكون امر يسير وهين علي اصحابها, بالمقارنة باخذها منهم.
سبب قتل الخضر عليه السلام للغلام
قتل الخضر الغلام الصغير لانه كان يجحد بالله (عزوجل) واراد الله ان يرزق ابواة المؤمنين بولد افضل واخير منه دينا وبار بهما, وخشي أن يتبعاه في هواة ودينه من شدة حبهم له وحاجتهم إليه.
سبب عدل ميل الجدار في قصة موسى والخضر
كان عدل جدار القرية التي ابا أصحابها أن يطعموهم فيه حفظ لكنز اليتيمين في القرية واختلف في هذا الكنز هو ذهب أم هو كنز من العلم, فقيل إنه كان ذهب فيما تحدث أبو ذر أنه كان كنز من العلم كتب على لوح من الذهب, فاقام الخضر الجدار لكي يحفظ هذا الكنز حتى يكبر اليتيمين ويستخرجا الكنز الذي تركه لهم ابوهم, وهو إن كان يدل على شئ فيدل على حفظ الله وتكفلة بحفظ ذرية عبادة الصالحين.
العبرة المستفادة وفوائد قصة موسي والخضر
تتنوع العبرة في قصة موسى والخضر, فمنها:
- ان فوق كل ذي علم عليم فلابد وان ندرك ان هناك من هو اعلم بكل الامور فالعلم ليس له نهاية.
- تحمل المشقة في طلب العلم.
- علي المعلم أن يحرص علي تعليم تلميذة الصبر وعدم الاستعجال, وهو ما فعله الخضر مع موسي.
- أنه يجوز أخذ الأجرة على العمل.
- الحرص على طلب العلم والسفر لتعلمه ومجالسة العلماء والسعي إلى لقائهم.
- أن يتجرأ من يقول الحق وينكر المنكر كما كان في قصة موسي .
- أنه يجوز التزود بالطعام والشراب وتخزينه في حالة التوجه للسفر.
- أنه يستحب طلب العلم من من هو أكثر منه في العلم.
- ان النسيان جائز في حق الأنبياء كما نسي (يوشع) ذكر الحوت لسيدنا موسى كما طلب منه.
- ان سيدنا الخضر لا يعلم الغيب فقد طلب من موسى ان يعرفة بنفسه.
- أنه يجوز نقض العهد في حالة رؤية المنكر كما في حالة سيدنا موسى حينما رأى منكراً فاحتج علية ولم يلتزم الصمت كما طلب منه الخضر قبل بداية الرحلة.
- أنه يجوز طلب الطعام من الغير في حالة الحاجة كما حدث مع موسى والخضر عليهما السلام.
ملخص قصة موسى مع الخضر
سأل أحدهم سيدنا موسى حينما وقف خاطباً في بني اسرائيل بمن هو اعلم اهل الارض؟ فأجاب موسى: انا, فعاتبه الله سبحانه وتعالى لنسبة العلم لنفسه واوحي اليه ان هناك من هو أعلم منه وهو عبد من عبادة سيجده في مجمع البحرين, فأراد موسى أن يأخذ العلم من هذا العبد, وكانت علامة لقياه له أن يفقد الحوت الذي كان معه في مكان لقائة به كما بلغه الله (عز وجل), وحينما وصل سيدنا موسى إلى صخرة نام, واعاد الله إلى الحوت روحه مرة أخرى فقفز في الماء إلا أن الله أسكنه فلم يتحرك و نسي يوشع أن يخبر سيدنا موسي بفقدان الحوت واستمروا في السير إلى أن طلب سيدنا موسى من يوشع الطعام فتذكر فأخبره بفقدانه للحوت.
التقى سيدنا موسى بالخضر والقي عليه السلام واخبره انه جاء ليتعلم منه بما اختصه الله به, واتفق الخضر مع سيدنا موسى أن لا يسأله عن شئ طوال الرحله, وركب سيدنا موسى مع الخضر في السفينة والتي كان فيها أول مواقف قصة موسى والخضر فبينما هما في البحر أخذ الخضر لوح من ألواح السفينة واقتلعه منها الا ان سيدنا موسى أخبره أن ما فعله كان خطأ فكيف يفعل هذا بمن حملوهم بدون أخذ أجر الركوب منهم؟, إلا أنه ذكره بما اشترط عليه ليمضي معه في رحلته.
وبعد أن نزلا من السفينة وجد غلام يلعب فأخذه وقتله والقاه على الارض وتعجب موسى بما فعله فكيف له أن يقتل هذا الطفل الصغير, فاعاد الخضر تذكير موسى بما اشترط به عليه حتى يستمر معه في رحلته, فأخبره موسى أنه سوف يصبر معه وسوف تكون اخر مرة يسأل فيها أو ينهاه عن شيء.
وانطلق سيدنا موسى مع الخضر الى ان وصلوا لقرية لايطعم اهلها احداً فابوا ان يضيفوهما, وكان بها جدار قد أوشك أن يقع فأقامه الخضر مرة أخرى بيديه, الا ان سيدنا موسى قد اعترض عليه فيما فعل فكان من الأولى أن يأخذ الأجر على إقامة جدار ليطعموا به أنفسهم, وهنا أخبر الخضر موسى أنه سيفارقة وسيطلعه عما لم يتحمل وخفي عنه طوال رحلتهم معاً.
فكان خرق السفينة ونزع اللوح منها بسبب الملك الذي يأخذ السفن غصب من أصحابها ان كانت صالحة فأراد أن يحدث بهذا الخرق عيب فيها حتى يبعد هذا الملك عنها وعن أصحابها, فيما قصة الطفل فكان سيرهق ابواة لانه طبع على الكفر وربما يميل ابواة إليه ويكفرا بالله عز وجل, و الجدار فكان لطفلين يتيمين وضع ابوهم كنز لهما تحت الجدار فأقام الجدار حتي لايقع ويبان الكنز فياخذه من يراه, وفارق الخضر موسى عليه السلام وانتهت قصة موسى والخضر.
آيات قصة موسى والخضر
ورد ذكر قصة موسى والخضر في القرآن الكريم في سورة الكهف في الآيات [60 وحتى 82]:
بسم الله الرحمن الرحيم
- وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا.
- فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا.
- فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا.
- قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا.
- قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا.
- فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا.
- قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا.
- قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا.
- وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا.
- قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا.
- قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا.
- فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا.
- قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا.
- قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا.
- فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا.
- قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا.
- قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا.
- فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا.
- قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا.
- أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا.
- وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا.
- فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا.
- وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا.